الثلاثاء، 23 ديسمبر 2025

الفصل 1الجزء الثاني " أحبيني أنا وليس قلبي "

 أتي الصباح اليوم الباكر 

أشرقت به أشعة الشمس رغم كل شيء 

أشرقت إشراقة محت كل بقايا ليلة باردة كئيبة مظلمة حيث إستقر عمق دمسها في قلوب مجهدة متعبة 

ربما إستغلة الحياة عجزهم و قلة حيلتهم و مارست كل ما تعلمه من جحود و قسوة 

حتى أرهقتهم أكثر من إرهاقهم 

قلوب أحتاجت إلى لمسة ناعمة و بسيطة لكي تحيا من جديد لمسة شابهة أشعة الشمس ليوم جديد

يوم تستطيع القول أنها ليلة أخرى قد مضت 

أو ربما أمل جديد... 

تستطيع القول 

لا بأس نتحمل ليلة أخرى لعلها الأخيرة.. 



خطت إلى الصالون منزل بخطى مترنحة قليل كان شعرها القمحي اللون مجعدة بفوضوية و عيناها الفيروزية منتفخة و خدها محمرة بدفئ فركت فروت رأسها ثم دعبت غرة جبينها تهندنها قليل  

سحبت مقعد طاولة الطعام تجلس به تلقي بثقل رأسيها للخلف أغمضت عيناها 

لازالت تشعر بالنعاس لقد نامت ما يتجاوز ثماني الساعات 

و لم تكتفي 

"أحتاج إلى القهوة  " 

قالت في نفسها 

فتحت عيناها ما أن شعرت بوجود حركة خلفها تماماً 

حيث المطبخ 

"صباح الخير أيتها الكسول" 

كان ليلي المرح مفعماً بالحيوية 

مناقضاً تماماً لعينيها البأس متألمة 

ألم لم يسمع أو يرى 

أُجبر على الخفاء فداءً

في سبيل الإستمرار  

"ليس عليكِ بالتظاهر يا ليلي "

كانت رسالة بصرية تلقتها ليلي من صديقتها 

رسالة أصرت على تجاهلها 

تجاهلاً مؤلم 

لم يؤلم إلينا على وجه الخصوص أنما لفقهها ما يحمله من ألم

فأحيان يكون التظاهر بالصمود و القوة درعاً أمام خوف و عجز يتوسط أعماقنا

تعلم يقيناً مدى خوف ليلي من تكرار التجربة بأي شكل من الأشكال كما أنها تقدر مثابرتها في محاولاتها على التخطي لكن لا تشجعها على الكتمان ألمها 

فإن أول خطوات التعافي هو البوح و أن نتقبل و نصرح عما مضي فالشيء المعلوم تدركه الأبصار 

فبعض الجروح دواءها ينبع من داءها 

"صباح الخير ليلي "

وضعت ليلي القدح أمام إلينا و توجهت نحو المقعد المقابل لها  

" ستذهبين الى العمل؟ "

وجهت إلينا سؤالها  بعدما لحظة إرتداءها إلى بدلة النسائية 

أومأت ليلي إيجاباً قائلا 

" ليس تماماً..  لكن سأسلم التقرير ثم أتوجه الى محطة تلفزيونية *** فقد تمت دعوتي من طرف صديقتي للحضور إلى  الحلقة "

إحتست إلينا قهوتها و قد إيدت ما صرحت به

مررت عينيها في أنحاء المنزل الهادئ ثم شرعت قائلة 

"أين إيلا.. ألم تستيقظ إلى الأن "


" لا...  ذهبت إلى البقال لشراء بعض اللوازم"

" حسناً"

كان جواب هادئ من إلينا ثم شردت قليلا

لا تعلم كيف تصرح بالأمر 

بالأخص بعدما حدث 

لكن عليها بذالك 

" تحدث مع طارق ليلة أمس.. سيعود غداً " 

أدركت أنه أزعجها الأمر من تغير ملامح وجهها رفضها لا يحتاج إلى حروف ليصاغ 

لكن هل كل من في العالم حظيا

بقصة حب ختامها زواج؟ 

بطبع ليس كذالك 

فلم عليها هي الإنتظار  إن كانت واثقة أنها لن تخدله أبداً ولن تتخلى عن صديق طفولتها 

إلا تكفي الثقة و إخلاص في العلاقات لصنع زواج  هادئ و سعيد 

ليت صديقتها  تدرك 

إن الحب ليس كل شيء 

أكملت إلينا الحديث دون أدنى إهتمام لإنزعاج ليلي 

" سأذهب إلى المستشفى من أجل توقيع للإجازة و توزيع الدعوات الزفاف " 

همت ليلي في الرد لكن أوقف صوت قلقلة المفاتيح و دخول إيلا تسعل بشدة جعل من كلتيهما تندفع نحوها بسرعة 

" ماذا حدث؟.. هل أصابتكِ النوبة مجددا"

تحدث إلينا هلعاً على شقيقتها الصغرى بينما حاولت ليلي المشي بسرعة قدر ما أمكنها لإحضار بخاخة الربو 

بينما أنفت إيلا سؤال  أختها الكبرى مشيرة إلى ليلي بإن تتوقف عما تنوي فعله و قد إمتثلت لها 

"لا لم يحدث ذالك.. فقط مجرد سعال "

تحدثت إيلا  بعد إن هدءت و توقف سعالها و قد قدمت لها ليلي كأس ماء دافئ

إبتسمت إلينا ثم مررت يدهاعلى خصلات صغيرتها قائلة بنبرة إختلط بها الحنان و الحزم 

"عليكِ الإنتباه إلى نفسك جيداً..حسناً "

أومأت إيلا ببسمة ودودة 

إرتسم مثيلها في شفتي ليلي 


••••••••


تفكر و تفكر ثم بعد عدة دقائق تعود إلى التفكير 

هل يجب دوماً الخضوع لحتمية القدر أما إن القدر يجيد التكرار هل علينا إتباع خُطى ظلاً بقايا من الماضي 

ألا يوجد سبيلاً مغايرً 

لم هذه الطرقات وعرة صعبة السير 

إلى هذا الحد 

ألا يمكن لها إن تكون سهلة خالية من المطباة 

هل هو أمراً مستحيل

ألقت قلمها مجددا و أبعدت تلك المخطوطات العمرانية من أمامها بعنف وقد فشلت في الرسم منذ الولهة الأولى قبل ثلاثة ساعات كفشلها في إقناع والدها خلال ثلاثة سنوات 

إقناع شخص ليس بتلك الصعوبة 

و خاصة لمدار ثلاثة عقود 

كل ما في الأمر هو التلقي و الإستقبال 

لكن إن كنت أمام شخص كوالدها جاحد في الإستماع قاسي في القبول لايسمع إلا لنفسه و لا يقبل أمراً إلا إذا إنصبَ في منافعه و دوافعه 

والدها المتجبر يقف أمام كل فرصة لحياتها الشخصية قد تعارض خططه المستقبلة 

ليته خصص نصف سعيه لسلطة و مكانة العالية لكسب لمن يحملون دمه و جزءً من روحه 

ليته إنصف و إستمع لها 

ليته إحترم مشاعر و بحث عن مصدر سعادتها و راحتها 

إن علاقتها بوالدها تبدء و تنتهي في ثلاثة حروف 

' ليت  '

طُرق الباب و دخل شاب في مقتبل العمر 

"صباح الخير حُلوتي"

بإبتسامة عريضة ألقى كلماته

ردت له عائدة  التحية بنفس البسمة بينما إنحناء كنان يحمل تلك الأرواق بيضاء عرضة الشكل من على الأرض 

" أرى أنكِ لم تتمكني من الرسم "

حالت نظرته بعيد عن تلك المخطوطات العمرانية ثم إنتقلت إلى عينيهاوقد لمعت نظرة شقية في عينيه مستمراً في حديثه بغية إزعاجها أكثر مما تبدو عليه 

و من غير يستطيع فعل ذلك سوى.. 

" تعلمين إن أخي لن يتساهل معكِ لذا عليكِ.... "

قلبت عينيها بملل وإزداد إنزعاجها ضعفً 

منعته من مواصلة تلك الجولة من حوار غير السارة 

"أعلم ذلك  "

صمتت قليلا ثم أكملت بوتيرة ضائعة 

" أنا.. أنا فقط مشتته قليلا"

سار كنان إلى أن إستقر في ذلك المقعد المقابل لها 

متسائلا بفضول 

" في ماذا؟ "


 أصابها الخوف فجأة من مجرد فكرة و قد بلغ ذلك الى نبرتها المهتزتة 

"أرغب في الحديث مع والدي " 

إعتدال كنان في جلسته بإضطراب و قد إعتلته ذات الإضطرابات 

"فيما يخص؟. "

 


  نفضت رأسها يميناً ثم يساراً 

متظاهرة بعدم اللامبالاة 

لم تمتلكه قط 

"دعك من ذالك.. أ لن تذهب إلى الجامعة اليوم؟.  "

غيرت دفة الحديث بسرعة تلهي الكائن الفضولي  الجالس أمامها

  ريثما تنهي الأمر مع والدها 

لعل يحدث بعد ذالك أمراً

عاد و إرتخى في جلسته مجددا 

قائلا بملل نافياً 

"لا.. لن أذهب...لدي بعض الأعمال الخارحية مؤجلة  "

نهضت تجمع الأوراق في الحافظ المخصصة لها 

تحاوره بهدوء 

"حسناً "

ألتوي إبتسامة مكرة حول شفتيه 

و قد عاد الى سيرته الأولى متعته في إزعاجها 

"لن يعجبه هذا  "

عقدت حاجبيها في تسائلا صامت فأشر نحو الاوراق التى تحملها بين كفيها 

نظرت نحوها بشرود  و بنبرة غامضة خاطبت بها كيان يجهله جليسها كما يجهل فحوا كلماتها 

"لا بأس في محاولة أخيرة "

أكملت جمع أغراضها 

ثم قالت بعجالة 

"هيا دعنا نذهب "

فرصة خفية  أخيرة تمنحها الى والدها لعله يستمع لها 

لربما ترمم  ثقوب أخلفها الجفاء 

فرصة أخيرة 

مابعدها فليحدث 


••••••••• 


خطت بخطئ بطيئة و غير متزنة نحو ذلك الجرف الجبلي 

حيث تستطيع رؤية  الغابة الكثيفة من علوه الشاهق 

علواً يمنح أطلالة ساحرة للمكان 

إلا أنه لم يسحر بصرها جمال المنظر الخلاب 

و لم يخفق قلبها فزعاً لحدة الجرف و خطورته 

فبعض المشاعر القادمة من ألم ذكرى في الماضي 

تلغى الغرائر الانسانية 

هل لها أن تخطى خطوة أخرى 

لعلها تيقط تلك الأحاسيس الناتجة لطبيعة البشرية 

ربما تنهى بها ما أفسده القدر حينها 

أو تسكت أنين عاجز قد أصابه الشلل في معجم الكلمات 

و مسه وهن أفقد القدر عن التعبير 

أو ندماً لم تصفه الأعين و إنصاف لم يدرسه البشر بعد. 


لقد مرت خمس سنوات منذ أخر مرة وقفت في هذا المكان 

لم يكن المكان سابقاً بالغريب بل ملاذها و سر عزلتها 

كان رغم بعدهُ الأقرب لها في خلوة بذاتها 

و رغم تشوه حجاره الحادة و عشوائيتها كان هو الكمال في بصرها 

هل غدا هو نهاية سلام الروح و بداية الحرب مع الذات 

هنا تماما قد كان مقبرة لكل ماهو جميل 

العيش,التفائل ,الجنون ,الحب 

وأقساهم الفراق كان لـ نفسها و ذاتها 

انها تقف أمام قبرها هل عليها الدعاء او البكاء. 


فردت يدها تستقبل دفعت هواء باردة تحمل رائحة الأترابة المبتلة 

عادة كانت لها سابقاً 

حركة بائسة صدرت من بقايا نفسها 

علها تعيد ما مضى 

ربـاه!..  كيف أضحى المكان بهذه الوحشة 

لم تمنحه أشعة الشمس إي تنمق و لم تحمل الرياح التربة متراكمة لعقود 

لعل حمل مامضى أمراً مؤلم حتى لرياح 

أم أن عيناها تموت الحياة بينهما فترى كل ما يقابلها أسود عاتم كئيب 

رنة هاتف إنتشلها من ظلمتها 

كان المتصل صديقتها 

لقد تأخرت كثيراً فقد مر الوقت سريعاً

ياألهي كل ما هنا قد تغير 

سوى تلك الميزة 

فتحت الإتصال بعد الرنة ثانية فندفع صوت صديقتها الغاضب

"أين أنتِ ليلي؟ "

لا تعلم لم لكن قد أحكمت غصة بكاء بلعومها ودت لم تصرخ أنها في قبرها تحت تربة ااندم و خدلان كان لتلك الغصة تأثير قوي على صوتها فخرج ضعيف يحمل نشيج ألم و كتمان لم تسمح له طِوال خمس سنوات الماضية في الظهور 

و هل تسمح له الأن 

يا السخرية 

"سأصل خلال ساعة زهراء... لا تقلقي  "

كان عليها هي القلق و هي تقف مع حضرت الذات تخبرها أنه قد مضى خمس سنوات عن جنازتها و اليوم فقط تحمل لها الخبر.. 

و لكن يبدوا أن صديقتها لم تكن في وضع المناسب حتى تتمكن من ملاحظة صوتها الغريب فقد عج المكان بمتخصيصين المكياج و الألبسة من أجل البث 

" حسناً ولكن أسرعي قليلا فقد تبقى نصف ساعة لتصوير الحلقة "


أغلقت ليلي الخط بعد منحيها الوعد لذالك 

نظرت نظرة أخير تودع المكان 

وداعاً ودت لو منحت مثيله لتلك الذكريات 

إلتفت لتغادر تلك الحافة حتى إندفع صوتاً تحفظه عن ظهر قلب تميزه بين الألاف 

"مهلا...مهلا  ماذا تفعلين.؟ أجننتي؟ أتودين الإنتحار أيتها المجنونة؟   "

إبتسامة بألم ولم تلتفت لن يكون هناك داعي لذالك 

فما خلفها إلا الحافة تلاها فضاء و فراغ تعلم علم اليقين أن لا أحد خلفها و ما تردد من صوتا لهو صدى لصوت صدر من عمق رأسها المكتظ بذكرى تشبه ذلك الصوت 

أغمضت عيناها و أجابت إجابة تمنت لو أدركتها مسبقاً 


"ليتني كذالك..ما كان عقلي المصاب بالجنون يأذن لقلبي لكي يتسع لكَ "


أكملت سيرها العاجز و قد تضاعف بطئه لوعرة المكان 


•••••••


حقاً كم هو أمر متعب لشخص عزول عن العالم قليل الكلام 

أن يتحاور مع ما يزيد عن ثلاثون شخص أن يتلقى كل ذالك الفضول و الأسئلة دفعة واحد التى صبت في جواب واحد يتكرر كل مرة  تسأل الامر أشبه بشريط قديم أصبه التلف كما أصبها هي الملل من ذالك. 

تقدم  تتجه نحو تلك الفتاة موظفة الإستقبال في قسم الإستعجالات

حتى تمنحها دعوة الزفاف الخاصة بها فقد جمعتها بعض الأحديث و الحوارات بينهما 

و ما فعلت ذالك حتى إنهال وبل من التهاني و الأسئلة الخاصة عن زوجها المستقبلي 

الحق يقال أن الأمر لم يحدث مع االجميع فإن ذالك يحدث مع كل شخص فضولياً و ثرثار و على 

ما يبدو أن تلك الفتاة تمتلك تلك الصفات 

إبتسمت إلينا تودعها بعدما إنتهت من كل ذالك 

و ما أن خطت خطوتان تبتعد بهما عن مكتب الاستقبال حتى إندفعت ضحة في المكان وقد دخلت بعض الممرضات تركضن بجعالة و جوارهن الطبيب يجرون السرير الذي يرقد فوقه المصاب فاقداً الوعي بينما يتبعهم رجلاً طويل ضخم البنية ذو بدلة سوداء بدا كحارس شخصي يتحدث بإرتباك و سرعة خلال الهاتف 

حاولت اللحاق بهم للمساعدة  

لكن نادها ممرض يستعجلها وقد وصلا مصاب أخر لحادث سير خطير 

ركضت نحو بينما يبلغها الممرض بمدا خطورت الاصابة 

إبعدت حشد ممرضات من حوله 

حتى تبصره جيدا 

و ما إن وقع بصره على طريح الفراش حتى تجمدت مقلتها و تيبست أطرافها و قد إختفت كافة الأصوات من حولها و أصدرت إذناها صفير مزعج وهمياً 

رعشة خفية مرت على سائر جسدها كأنما دفعة من الهواء البارد باغتتها فجأة و هذا ما جعل الممرضة المجاور لها تتفظن إلى الحالة الغريب التى أصبتها 

على حين غرة 

نادتها عدة مرات لكن دون إجابة فدفعتها قليلا علها تستجيب 

و كان لها ذالك 

شهقت إلينا بقوة  تنظر نحو ممرضة بذهول و صدمة ثم حولت بصرها  بسرعة نحو المصاب و زاد شحوبها و لمعة عيناها بدموع 

بدا و كأنها تبصر أفضع ما قد يحدث لها 

فهناك عقول بشرية تمنح أملا وهمياً بإن ما يحدث مجرد حلم نعيشه أسلوب وقائي لنهروب من الواقع لا نستطيع تقبله و التعيش مع حتمية  فرضياته 

و هذا ما حدث فقد كانت كل حركات جسدها تنبئ برفضها لما تشاهد و تعيشه 

زاغت عيناها و مدت يدها المرتعش نحو وجنتاه  الدامية تتلمسها برهبة 

فرغم كل شيئ عليها اليقين من ذالك 

و ما إن إصطبغت أناملها بدماء حتى عادت الى الخلف بسرعة 

كل شيء كان حقيقي و اقعي 

هزت راسها رفض لم و لن تستطيع تقبل ذالك زاد السود من حولها و لم يستطع عقلها المقاومة أكثر 

و كل ما إستطعت فعله سوى تمتم ضعيفة تلفظ إسمه بألم 

"طارق "

ثم سقطت أرض فاقدة للوعي 


••••••••••


توقفت سيارة الأجرة أمام المحطة التلفزيونية و قد أصطحبتها موظفة الإستقبال إلى حيث يتم التصوير و على ما يبدو أنها لديها أمر لفعل ذالك من طرف صديقتها زهراء 

سارت خفية عن الأضواء و مكان كاميرا التصوير تجنباً لظهورها خطاءاً 

إتجهت نحو المكان المخصص لها في المقدمة بعدما أشارة الموظفة لها في الوقت السابق 


جالست بهدوء تشاهد العرض لكن فجاءة ومضة عيناها بلمعة خاطفة و صلبت كل أبصارها نحو الضيف ذلك الرجل صاحب البذلة السوداء ذو الهيئة البالغة التهديب تفوح منها الثراء و التقدير يجلس يتحاور مع المراسلة بثقة ناسبته جداً  

هل نفذا العالم من هواء فجاءة أم أن قد ضاقت القاعة و نحصر الجدران حتى بات منفذه صعب 

او أن إختفى الوقت و نسي البشر أن يحصي الثواني و دقائق من بعده 

فتوقف كل شيء بعد أن إختلا نظامه و إتزانه 

ياإلهي!!  نظرة واحدة خصها ذلك الرجل بها حتى تملكها العجز و عدم القدر في التحكم بنفسها ليس معنويا فقط فيزيولوجيا أيضا 

لا تستطيع التحرك أبدا عليها التصرف

لم تكن نظرة عابرة منه بل لاحظها و على ما يبدوا على ملامحه أنه يعيش ذات الذهول و الدهشة 

عليها الفرار بسرعة 

و ما أن ترجم عقلها المتيبس ذالك

حتى أسرعت بقدر ما يسمح لها قدرتها على الفرار 

لقد إخطأت ما كان يحب البقاء 

كان عليها الرحيل منذ الولهة الاول 

لقد لاحظها 

ضاقت أنفاسها و إضطربت معالمها و بيضة شفتاها عبرت البوابة الرأسية تسير على  الرصيف

"ليلي  " 

إندفع صوته الملهث من خلفها وقد تجمد كل ما حولها و لم يبقى أي معنى للحياة سوى ذلك الأخرق صاحب الدقات الصاخبة 

في هذه اللحظة و في هذا المكان تمنت لو كان مجرد صدى صوت صادر من عقلها 

يا ليته خيال 

يالأسف ماكان نقمة سابقاً

أصبح أقصى طموحتها الأن

تجهلته و أكملت سيرها 

أعاد نداءه مجدادا   مهرولا خلفها يحاول اللحاق بها. 

بينما هي حاولت السير بسرعة قدر الأمكان وقد راودها أحداث ذلك اليوم من جديد وتضاعف الأمر لعجزها على السير 

تباً له!!..

أ هو ختام كل ما يحدث لها؟؟ 

أ يكون العجز أخر شعور يصحبها في كل مرحلة في حياتها؟ 


إمتلاءت عيناها بدموع ما أن توقف أمامها يمنع سيرها لأمام 

و يحجب عينها عن الرؤية سواه هو تماماً كما كان يفعل سابقاً

إعتلت إبتسامة نصر ثغره و قد حمل صوته شعور إزدواجي من عدم التصديق و البهجة 

" لا أصدق... أخيراً... ليلي هذه أنتِ "

إنعقدت حاجبيه إستغراب من تجمد نظراتها وقد إحتقن وجهها بدماء و إترتجفت أطرافها 

بدى و كأنها تواجه أمرا أو تكتم ألم 

و لخاطرة أنها ربما تتألم 

إندفع بهلع نحوها متوقفاً في منتصف ما قد عزم على فعله بعدما رفعت يدها تمنعه من لمسها 

إنحنت برأسها تحول جمع الهواء قدر الامكان  بعدما تقلصت رأتاها فجاءة 

مررت يدها فوق قفصها الصدري تخخف من إنقباضه المفاجئ 

"رباه!!.. ماهذا؟! "

حدثت نفسها بعجز يبدوا أن الأمر أصعب مما تظن وقد زادت دموعها المنهمرة سواء الموقف و تناثرت صورة المرأة القوية الصامدة لمدار خمسة عقود في أول نفخة هواء باردة قادمة من الماضي 

إعتقدت أنها دفنته و ودعته منذ سنوات 

لم ترفع رأسها خشية رأيته لعجزها

إلا أن صوتها الضعيف الهاش أفسد الأمر إنها تجهل كيف إستطاع سماعها 

"لو سمحت.. إبتعد عن طريقي  "


"ليلي.. أنا فقد أرغب في.... "

حديثه بتلك البساطة و الهدوء كأن شيء لم يحدث و وقفه أمامها دون شعور بأي ذنب أو ندم 

ألهب غضبً مكث طويلا داخلها 

فخرج صوتها قوي محموم يكتم صرخة إمراءة جُرحت في كبرياءها

بينما عينيها تلونت عدة مشاعر من النفور و البغض 

رفعت رأسها تنظر إليه تدفع تلك الأحسيس دفعاً نحوه

تحدثت قائلة 

"و أنا لا أرغب بفعل أي شيء معك "

جمده الموقف لولهة 

تلك المشاعر تلك النظرة يقسم أنه يرى نعشه منصوباً بين عيناها 

هل إنتهى كل شيء؟ 

هل تأخر إلى هذا الحد؟. 

أيقظه من تيبسه صوت رنين الهاتف لمرته الثانية على توالى 

فقال في عجلة من أمرهِ يمنعها من العبور بعدما لاحظ ذلك

"إنتظري لحظة..رجاءاً " 

ثم فتح الخط ردا على ذلك المتثل المُلح. 

إبتسمت سخرية من نفسها لمس رجاءه جزء من روحها

هل تضعف مجدداً؟. 

حتماً لا. 

إستغلت ذهوله المفاجئ و أكملت سيرها و هذه المرة لم يلحقها على ما يبدوا من ملامح الذهول أنه تلقى خبر سيء جدا

منعه من اللحاق بها 

و هي حقاً شاكرة لذالك. 





•••••••••••








بعض الأحيان يتمنى المرء أن ما يعيشه في حلمهِ 

واقـعاً

وما يحياه في واقعهُ

حلـم 

نكتة سخيفة يألفها العقل البشري 

فرار من الواقع 

وعلى غرار ذلك للإنسان الحق في الهروب من كل شيء و أي شيء 

سوى شيئين 

الحقيقة و الموت 

الوجهان الاساسيان لعملة الحياة 

مع ذلك يصيب المرء طمع النفس

فيطمح الى الفرار من كلتاهما 

لربما لصعوبة تحملهما او صدق حدوثهما 

فإن مرارة تقبلهما يجعل من الإنسان العاجز غير قادر على الهروب يلجاء إلى النسيان فحقيقة واقع نخشاه و موت الأحبة 

يجعل منا شخص لحوح في طلب النسيان 

لأن لحظة واحظ فاصلة قد تغير مسار سلكته لعقود و دون سابق إنذار يصبح ما تعرفه يقيناً هو المجهول المريب!. 


سقط الضوء أبيض على عيناها الفيروزية فأغلقتهما مجددا 

أين أنا؟؟ 

ماذا حدث؟؟ 

حدثت نفسها بإرهاق و إستغراب 

جولة بسيطة من خلال عيناها للمكان أدركت أنها في أحد غرف المشفى 

لماذا هي هنا؟. 

و كيف... 

توقفت في توجيه الأسئلة لذاتها 

ما أن تسربت صور لوجهه المملؤ بالدماء و خطورة وضعه الصحي الى عقلها 

" طارق" 

صرخت مندفعة بتهور تهجر مضجعها و تنتزع إبرة المصل بقوة

من يدها 

يجب الإطمئان عليه أولا و معرفة ماحدث له 

أسرعت نحو  موظفة الأستعجالات

تسألها.بلهث و تلعثم 

"المريض... أ أقصد المصاب...طارق  "

فهمت الفتاة ما أرادت قوله لشهودها ما حدث لها منذ سويعات 

"نقل إلى غرفة العمليات رقم 4 "

غيرت إلينا إتجاهها 

  نحو ما أأرشدتها

و ما أن وصلت حتى وجدت الطبيب نديم يخرج من غرفة العمليات بملامح وجه لم تسرها البت 

كان صوتها العاجز يحمل رجاء في تخيب ما توصلا له عقلها 

"نديم؟ "

حركت رأسها رفضاً

بعدما كسر عيناه أسفاً و جزناً

أنكأت على الجدار ترفض ما توصلت له 

لكن صوت نديم المتحدث أعاد البهجة الى ملمحها الشاحبة 

"لازال على قيد الحياة..لكن.. "

عاد الامل يصطحبها نحو تفائل من جديد

أستقامة بسرعة  تكرر كلمة الاخير 

بتسأل مبتهج

"لكن...؟ "

دحرج عيناه بعيد متفادا تلك لمعة التى ظغت في عيناها فجاءة 

" لقد توقف الدماغ... بعبارة أخرى مات الدماغ"

ياألهي!!... 

لا يوجد أسوء من هذا 

هل؟؟.. هل؟... 

كتمت شهقتها قسرا و نزلقت على الجدار إلا ان جلست على البلاط الباردة تبكي قهراً و ألماً

على ما أصاب صديق طفولتها و صباها 

زوجها المستقبلي 

أيعقل ذالك...؟ 

أيعقل أن تكون الحياة 

  عديمة الشفقة 

إلى هذا الحد 

  



   O. B.                              


ــــــــــــــــــــــــــــــــ 

أحيانا لا تكون الكارثة في ما فقدناه بل في ما سينتزع منا لاحقاً 

ـــــ 

تعليقك ولو بكلمة واحدة قد يصنع فراقاً كبيراً بالنسبة لي 💮💛

ما هو رأيك؟... 







الأحد، 21 ديسمبر 2025

الفصل الاول 1" أحبيني أنا وليس قلبي "

 أين يُباع النسيان، أين أجد ملامحي السابقة، وكيف لي أن أعود إلى نفسي. 


- محمود درويش 📚.













•••••••••••


أسرعت تركض بأقصى سرعة ممكنة تحاول اللحاق بأقل وقت أمكن

وكل برهة تعتذر بتعثر لكل من تصتدم به في غفلة 


أصدر حذائها الابيض الناصع صوت إحتكاك جراء الانعطاف و قد إستندت كفها إلى الجدار الجانبي تدفع به جسدها للخلف منعاً للإصطدام. 


دفعت الباب بقوة إلى أن إرتطم في الحائط مصدر صوت مفجعاً و على رغم ذلك إلا أنه لم يزعج تلك الغافية على الاريكة بهدوء و سلام ظاهري متنافيا مع تجعد ملامحها الداله على سوء رؤياها. 


خطت نحوها تهتف بلهفة

" أيتها الطبيبة.. "

تقدمت خطوتان إلى الأمام تدفع كتفها برفق 

" أيتهاالطبيبة رجاء إنهضي.... استاذتي .. ". 

زادت من دفعها بقوة لينه

" أيتها الطبيبة... إلينا" 

صرخت بإسمها بقوة لعلها تستفيق 

و قد كان لها ذاك و قد إندفع جسد إلينا إلى الأمام تشهق بعنف تحول إجتذاب الهواء قصراً إلى رئتاها.

بينما تعمل يداها على إبعد خصلتها القمحية اللون مررت عينها الضائعة في أرجاء الغرفة تدرك في اي مكان تتوجد فيه الأن.

اغمضتهما ببطئ بينما تمسح قطرات العرق الراسية على جبينها و قد إبتلت غرتها. 


إنحنت الممرضة تمرر يدها على ظهر بتأني 

خطبتها بلطف و هدوء

" لابأس... لقد مضى" 

فتحت إلينا عيناها و إرتسمت ابتسامه مجهد على شفتاها جلعت من أنيستها تتسأل

" ماذا حدث هل كان حلم سيئ؟ " 

هزت رأسها نفيا تضغط أطرافها على حافة الأريكة. 

تنهدت ثم قالت

" بلى كابوس فضيع يشبه الواقع " 


تنهدت ثانية بقوة ووضعت قدمها على الارض استعداد لنهوض

" هل هناك خطبا ما جيداء "

ضربت جيداء مقدمة رأسها بتذكر متحدث بأسف

"اوه... لقد حدث حادث سير فضيع و قد نقل المصابون إلى هنا" 

أسرعت إلينا في إرتداء حذائها

" هيا بنا"

خطبتها بينما تركض بسرعة الى الاستعجالات 

"أين هو الطبيب نديم" 

سألت إلينا خلال سيرها المتعجل تقدمت جيداء الى جانبها تواكب خطوتها السريعة قائلة بلهث

" أنه هناك لقد بحث عنكِ" 

أومأت إلينا بينما شرعت الاخرى تصف بالمختصر سوء الحادث.. 










•••••••••• 









خطت قدماها الى ذالك المقهى الراقى ذو الالوان الزاهية و الأثاث الباهض الثمن أضافة الى أطالته بديعة المنظر مضيق البوسفور أحد أهم 

و أجمل الأماكن الطبيعية و السياحية في إسطنبول 

إلتفت حولها بتوجس تصادر الأعيون ان كانت تلاحقها او تراقبها 

أحكمت لفت الشال حول عنقها تخفي بها نصف وجها بينما النصف العلوي تخفيه نضارات كبيرة و قبعة سوداء 

دارت عيناها بين الزبائن بحث عن ظالتها. 


ارتشف قهوته ببطئ واستمتاع وقد لف عيناه حول رواد المقهى الفخم وقد اخذه بريق الثراء ورفاهية اللامعة من كل مكان هنا 

متسائلا في بأس " ما بال هذا عالم بحق يعطي الحق لغير المستحق 

فرغم تلك رفاهية والحال الميسور لاصحاب طبقة مخملية الا انهم لايتسمون ابدا بالرضى وقد كسى التذمر وتمرد على حالهم 

حيث يضنون انهم بأسوء حال فقط لانهم لم يجدوا شيئ ينفقون عنه اموالهم 

يالا سخرية!... 

صوت ضحكة ساخرة فلتت منه عنوة 

وتلك متمردة صغيرة صاحبة قرارات متسرعة لاتختلف عنهم بتاتا فدائما ما تستاء من معاملة والدها القاسية وجافة لكونها ابنته الوحيدة فطبقا لقوانين حياة الاسرية فاحشة ثراء ان يكون دلال للفتيات وعلى وجه خصوص ان كانت فتاة وحيدة في عائلة كحالها

وليكن..... لايهم

فإن ماله يشفع له ولو كان هو في موضعها لرضى واستسلم وحتى وان تم استعباده 

يكفيه كل ذلك ثراء وغنى حتى وان لم يعجبه طباعها مدللة 

الا انه وقع في حبها في وقت كان يسعى فيه الى وقوع على سلطة في مالها 

ومن يخدع كانت اولى خطواته نحوها هو تمتع بمالها وثرائها 

لكن في غفلة منه ودون ادراك وجد نفسه غارق في ظلمة حبها معتق بذنب سوء بدايات 

هز اكتافه بلا مبالاة

وليكن... 

فقد اكتسب امرأة ومال 

ومن الاحمق الذي يرفض ذلك 

الامر اشبه بجائزة مضاعفة 

ارتفعت ابتسامته تهلل ما أن لمحها تخطو الى المقهى رفع يده إلى الاعلى ينبهاها بموقعه داخل هذا المقهى الشبيه بالمطعم اكثر من كونه مقهى للقهوة وشاي وبعض الحلوى أو المقبلات عاد الى جلسته المرتاحة فوق تلك الاريكة بينما تقدم أيدا نحوه بقلق وإرتباك ملحوظ رغم تخفيها 

حرك رأسه بيأس وان لم يلاحظ احد تنكرها الا أن حركاتها القلقة تلتف انتباه الكل وإن يكن الامر لا يعنيهم 

سحبت المقعد المقابل للاريكة الجالس بها بينما نظر سليم نظرة خاطفة الى ما حولهم وقد لاحظ توجه الانظار حولها إن مظهرها الغامض الشبيه بقاتل متسلسل في مهمة خلال وضح النهار سحب انظارهم نحوها اعاد بصره لها مجددا ومد يده الى القبعة ساحبا اياها ثم الى نظاراتها الخافية لعينيها الزرقاء اللامعة كالحجر الكريم نادر تعرض لاشعة شمس

الذهبية فلمعت بوضوح تسلب الانظار... كما سلب لب جليس امامها 

زمجرت بستياء 

" سليم ماذا تفعل؟ "

سألته بتذمر

 اختطفت القبعة بسرعة بعدما وضعها على الطاولة ثم اعادتها الى سابق عهدها 

" عزيزتي تعلمين ان هذا يلفت الانتباه اكثر شيئ "

خاطبها بينما يرسم دوائر حول وجهها في اشارة منه لشكلها 

" ولولا هذا لما استطعت مقابلتي " 

اعادت اشارته حول وجهها اثناء حديثها صاخب 

زنفرت بسأم ثم قالت 

" حسناً حسناً... وماهو الامر المهم الذي من اجله اردت مقابلتي " 

وبحماس شديد واسندت كلتا يداها على طاولة. 

امسك يدها وابتسم بكل ود وحب 

" الا يمكن ان يكون اشتقت لحبيبتي " 

سحبت يدها بسرعة وارتباك ملحوظ ثم حذرته مجددا بينما زنفر سليم بسأم وارتخى في جلسته بملل 

" الى متى سنستمر في هذا أيدا" 

تدرك تماما ان الامر صعب 

ان تكون في علاقة لمدة ثلاث سنوات دون ان يمكنك التسكع او البقاء لمدة ساعة مع خليلتكَ... 

ان الامر يصيبك بالملل. 

لاتلومه ابدا تقدره على صموده ومثابرته في ابقاء هذا الحب في طور الانعاش 

ولكن لاتشجعه بتاتا على تقهقره واستسلامه في خطوة للامام في تلك العلاقة معقدة. 

تنهدت ثم قالت جملتها الشهيرة لمدار سنتين تنهي بها ذلك نقاش العقيم 

" تحدث مع ابي يا سليم... تقدم لخطبتي مجددا ". 













    ••••••••••••••












نزعت قفازتها البلاستيكية الملوثة بالدماء ثم فتحت صنبور الماء لمغسلة اليدين الخاصة بغرف العمليات. 

إسندت حول حواف المغسلة متنهدة بتعب. 

ثلاث عمليات جراحية في يوم واحد وقد تجاوزت الواحدة منهما اربع ساعات. تعد الوقت منتصف الليل 

ومازال هناك وقت طويل لطلوع الصباح 

وعليها العمل كل تلك ساعات مع هذا التعب وارهاق 

انهما يومان دون راحة او نوم فأكثر مدة حضيت بها على قيلولة لم تتعدى ثلث الساعة. 

شعرت بيد فوق اكتافها بينما انساب صوته بهدوء من جانبها 

" تبدين متعبة؟! " 

مسحت وجهها تبعد غرتها عن جبينها ثم زنفرت بتعب شق طريقه حول ملامحها رغم انكارها 

" ليس كثيرا يمكنني صمود قليلا "

التفتت له ثم منحته ابتسامة مجهدة عنوة عنها 

" احتاج الى فنجان قهوة مرة " 

تحدثت مجددا 

بسط يداه امامه بنبل وقال

" دعينا نذهب الى مقهى المشفى في الاسفل " 


تأوهت براحة واستمتاع بعد اول رشفة قهوة تذوقتها وقد زال بمرارة ذوقها رواسب التعب وارهاق وعادت تنشط خلايا عقلها الخاملة واندمجت كليا في تلك الراحة الوهمية التي منحها عقلها مؤقتا بعد تعرضه لتوتر وضغط استمر يومان كاملان. 

تنحنح نديم ثم بدا جولة اسئلته بتردد ملحوظ 

" لقد سمعت انكِ طلبتِ إذن اجازة لمدة شهرين... لما؟ " 

تغلغل سؤاله في خلايا عقلها المستريح وقد عاد ذلك صوت الذي يخبرها بحقيقة المشاعره نحوها وان لم يبح بها 

ليست عمياء مجردة من احاسيس كما اعتاد البعض مناداتها او انها دون رحمة 

لكن انها تبغض مشاعر الحب جُملة بل الحب بوجه الخصوص 

هو صورة مشوهة ذو جروح بالغة عجزت الحياة طوال تلك سنين في تجميلها وتحسينها 

لهذا تغلق كل الابواب

التي تؤدي اليه....

 الى الحب. 

حتى وان كان الباب الوحيد الذي يتيح لها عبوره لتتقدم في الحياة لكانت فضلت العزلة عنه 

انها تبغض الحب.....

جالت عيناها في ملامح وجهه البشوش ذو الابتسامة الهادئة التي تتناقض مع عيناه سوداء المحدقة للحياة دوما بالغموض تجعل من الانسان الفضولي يسعى حول هذا الغموض 

لقد شواه هذا الحب روح الصداقة التي كانت تطوف حولهم منذ ان كانا يدرسان معا في كلية الطب و إنتقالا من أنقر الى إسطنبول للعمل معاً 

" الينا... " 

نطق اسمها بقلق وتعجب ينتزعها من شرودها وعدم اجابتها. 

اعادت ترتيب الجمل داخل عقلها ثم صاغتها بالطف اسلوب امكن تجنبا لجرح مشاعره

واحترامً لصداقة الباقية بينهما.... حتى الان 

" تم تحديد موعد زفافي..... بعد شهر من اليوم تحديدا " 

ثم اضافت بمرح حاولت خلقه داخلها اولا قبله 

" انت اول المدعويين افتخر بهذا ياصاح"

اغلقت بابً اخر امام هذا الحب وبدا ذلك واضحا من عينيه التي ذبلت وعلا البأس شديد حولهما وكأنهُ سلبتَ الحياة فجأة من امامه دون لحظة ادراك. 

وغامت من حوله هالة من الحزن تستشعرها دون ان تدرك خبايا الحكاية. 

اشفقت على حاله كثير بينما يحاول جاهدا لرسم ابتسامة سعيدة مبتهجة فشلت مع اول ظهور لها 

" حقاً!... ليكن زواجاً خيراً ومحمود " 

ارتجفت شفتاه وفرت عيناه تلوح في الافق هروبا من نظرتها المشفقة وقد اعلن جسده عصيان ففر مسرعا يلقي بحجته البأسة ولذ بالفرار يحاول جاهدا البقاء على الصمود و الثبات يليق بطبيب جراح ماهرا لا بطفل صغير لايتجاوز عمره ثلاث اعوام سلبت منه حلواه عنوة لم يجد سوى البكاء سبيلا له بينما بقيت هي تتلوى بعذاب ضمير وشفقة على حاله 

ليس هناك من سبيل 

تعلم تماما انها دون رحمة لكن امام الحب تهزم وتتجرد من اي مشاعر الانسانية او اخر

لا ضمير... لا شفقة... او احساس او مشاعر 

ارض قاحلة تماما داخلها لا تنبت بها نبات او تسقى تربة 

عقيمة هذه الحرب 

تقاتل من أجل بقاء الصداقة قائمة بينهما و هو يجاهد من أجل ظهور الحب على حياتهم الأخوية 

رغم كل شيء 

لازالت تعتبره صديق و أخ 

ودعته عيناها سلفاً بينما أكمل سيره في تخادل و كهل ملحوظ 

بدا كشيخً كاهل أثقلتهُ أعباء الحياة 

و أرهقه حملها وحيداً دون عون 











•••••••••










لقد قاربَ الصباح على البزوغ و مازالت جملتهُ تحتل عقلها 

تصدر صوتً مزعج داخلهُ 

كشريط نشرة تلف يعيد الكلمات بإستمرار 

و قد ساعد هدوء و عتمة المكان على ذالك 

إعتدالت جالسة على السرير ذو الأفرشة ناعمة الملمس و زاهية الألوان و المنظر 

سارت بأقدام حافية إلى شرفة الغرفة تحمل كأس مشروب الشكولاطة الساخن بين يديها 

و قد أصبح بادراً من كثرة الإنتظار 

جلست على مقعدها تلف حول جسدها شال أحمر اللون بغيت تصديها إلى صقيع ليالي الشتاء القاسية 

تماماً كقسوة والدها على حالها 

" لن يسمح بذالك أبداً أئدا... هذه المرة سيقتلني والدكِ" 

هل هو بتلك القسوة.. لا أظن ذلك 

تنهدت بيأس ما أن إنبثقت تلك الجملة في عقلها مجدداً 

هو محق والدها القاسي لن يرغب أبداً بإبنته الوحيدة أن ترتبط بشاب ذو الرتبة متدنية إجتماعيا من مستوى عائلتها العريق 

لن تنجب هذه العلاقة إي فائدة لوالدها الذي يسعى لمكانة و مستوى أعلى 

لا يهم ما توؤل إليه الأمور 

إن كان العريس الموعود ذو طباع حدة أو يمل للعنف 

ما يهم أحلام والدها و طموحاته في الحياة 

فحياتها هي دمية يتلاعب بها بما يناسب مصالحه الشخصية. 

عليها التفكير جيداً في طريقة لإقناعه فإن لم يقتنع لن يكون هناك زواجاً البتة 

ولا ترغب في إن يعلم اخاها بالموضوع 

ليست مخافة من ذلك فهي تعلم حنانه و طيبة قلبه نحوها بوجه الخصوص كما تعلم جيداً أنه سيمد يد العون لها و يقف أمام والدهما لكن لا ترغب في إرغامه على تلك المشاكل مع ذلك المستبد خاصة في هذا الوقت العصيب بالنسبة لأخيها 

يجب التحدث مع والدها مجداد مهم كلفها الأمر 

عليها فعل ذلك 

من أجلها أولاً

و من أجل حياتها ثانياً.. 









•••••••









كان الجو شديد البرودة في أول ساعات الصباح الباكر و قد بداء ندفات ثلج البيضاء بنزول بروية و هدوء كئيب لناظرين القلة على رصيف المارة 

وقد خيم ضبابة شاحبة معتمة محمولاً بذرات هواء باردة على أجواء مستغلة عدم ظهور أشعة الشمس بعد. 

أطلقت إلينا بخاراً ساخناً من فمها

تناقض مع برودة الأجواء فشكل دخان كثيف من حولها، بينما شرعت يداها على ضم أطراف سترتها ذو الفرو الرمادي إلى بعضها البعض محاولة بسيطة من جانبها لتدفئة جسدها المتصلب 

إستمرت في السير على الأقدام قرابة خمسة عشر دقيقة بغيت منها للإنفراد بذاتها وقد تعمق شرودها و إزداد رثاء ذات في وصلة من الحديث أطن أذناها بضجيج وهمي لا وجود له من الأساس. 

و كانت تلك آفاتها و علتها منذ الأزل 

عديمة الشقاء و الدواء 

أنها آفة التفكير. 

لقد قاربت على ثلاثين من عنرها يفصل بينهما عدة أشهر 

تسع و عشرون سنة مرت من حياتها في تشتت و تناقض بائن. 

لم تكن يوماً تلك الفتاة مدللة الطائشة عديمة المسؤلية كثيرة الشكوة. 

فقد كانت على غرار ذلك تماماً 

أو لم تحظى بوقت لفعل ذلك 

فقد أدركها النضج مبكراً و داهم على حين غفلة 

لم تتمتع بما يسمى الطفولة 

فتلك المرحلة العمرية من حياتها كانت محملة بمجادلات أسرية و مشاحنات بين والدايها 

فمنذ أن إستقبلت الحياة و أدركتها و هي تشاهد تلك الصراعات القاسية الطافية على حياتهم بين فترة و أخرى 

لم تكن في ظهور دائم لكن يمكنك إستشعر البرودة في التعامل و خلوة الجو الأسري في المنزل يشبه 

الأمر غريبين يعشان مع بعضهما البعض فيمكنك ملاحظة ذلك دون أدنى جهد 

في بدء الأمر لم تتلمس السبب الحقيقي لتلك الصراعات و لكن بعد عام على إتمامها سن العاشرة إتضحت الرؤية 

والدتها أحبت شخص قبيلا زواجها من والدها

ووالدها أحبها فتزوجها 

لاتعلم لم تزوجته والدتها مادامت قد أحبت شخصاً غيره فهي تجهل بعض خبايا تلك القصة 

لكن ماتعلمه حق المعرفة أن والدها لم يستحق تلك المعاملة من والدتها 

القاسية متلبدة المشاعر عديمة الرحمة إنها تشك حقا في قدرتها على الوقوع في الحب 

لم تؤمن يوماً بالأنصاف في الحب 

لكم تبغض الحب 

تكره المشاعر الناجة عنه 

بل أنها تشمئز منه 

كل ذلك نتيجة أفعال والدتها 

لقد كانت شاهد عيان لمعاناة والدها

و توسولته في طلب الوصال والدتها كما كانت ترى خيانتها أيضا 

تعلم أن والدها يدرك ذلك إلا أنه صمت من أجل الحب 

حتى أنه جَسد دور الأعمى في سبيل الحب 

كأحمق بدى و إرتضى في سبيل هذا الحب المسموم 

لا تعلم فيما كانت تفكر والدتها رجل كوالدتها كيف لها أن لا تقع في حبه حنون لين الطبع هادئ يبعث في النفس شعور بالأمان من مجرد وصلة حديث عابر 

كان بطلاً في عيناها 

لطالما كانت إبنة أبيها 

إلا أن ذلك البطل المغوار لم يصمد طويلا أهلكته كثرة الهموم و القهر و الكتمان فإتخد الفراش ملجأ و ملاذ له و عتكفه بعدما حدث 

كل ذلك بعد أن هجرته زوجته و حبيبته تترك خلفها زوجاً محباً و إبنتان تفتقران إلى الرافة و حنان الأم 

كان أنذاك قد بلغت إلينا إثنا عشر عاماً كانت لا تزال طفلة إلا انها تحملت مسؤلية والدها العليل طريح الفراش و طفلة بلغت سنة لتوها لا تعي للحياة شيء تشك في مقدورها على تذكر وجه والدتها بوضوح و رغم ذلك لم يقهرها شيء 

لا تنكر صعوبة الأمر لكن عليها شكر عادة الأنسان الأزلية فالأعتياد 

فقظ إعتادت الحياة دون والدتها. 

إلى أن مر ستة سنوات و توفي والدها كان هذا هو القهر و الأسى بحد ذاته 

الذي لم و لن تتخطه أبدا 

إن ذلك العجز 

أقسى من أن تتحمله بمفردها 

لذالك لجأت إلى والدتها مجددا 

وياليت لم تفعل ذلك 

كم تندم على ذلك حقاً

رفعت يدها توقف سيارة الأجرة تتعجب من وجودها في هذا الوقت المبكر من الصباح و هكذا أوقفت سيل تفكيرها في التوجه إلى تلك النقطةالسوداء. 








••••••••••








ضربت أناملها الرفيعة أزرار حاسوبها المحمول على فخديها وقد إكتسحت تلك الأريكة تتخدها مكان لإنهاء أعمالها الكتابية. 

دفعت نظرتها الطبية نحو عينيها تحسن من وضعها المائل قليل جراء جلستها المماثلة لها. 

بينما ترفع شعرها البني في تسريحة فوضوية جداً . 


تنهدت بسأم و تعب عليها إنهاء ذلك التقرير اللعين

لبدا من ذلك 

و إلا طردت من العمل من قبّل تلك العجوز الشمطاء حدة الطباع متقلبة المزاج و هي حقاً

لا قِبل لها في مواجهتها أو في توبيخاتها و كلماتها السامة 

لذالك عليها إنهاءه الأن و حالاً


توجهت إلى المطبخ تعد قهوة ساخنة لعلها تعيد الحماس و الشغف للكتابة 



نظرت بشرود إلى لونها العاتم تلك القهوة رغم سودويتها و مرها تستطيع مساعدتها في استعادة حماسها و نشوتها ولو لحظات قليلة.

 و في سؤال طفولي منها هل يمكنها مساعدتها في تخطي مامضي من حياتها

مامضي...

ضحكت ساخرة منها 

لم يمضي شيء سوى الوقت 


إستمعت إلى قلقلة مفاتيح ثم تلاه صوت فتح الباب خرجت الى البهوة تحمل القدح بين يديها. 


تنظر إلى رفيقتها تفترش تلك الأريكة بتعب و إنهاك واضح جلست في المقعد المقابل لها 

" إلينا... هل أنتِ بخير؟ "

إعتدلت إلينا في جلستها تقابلها بأعين ذابلة و حزينة لم تخطئ في تشخيصها وبصوت ضعيف متألم تحدثت 

" لقد أخبرتُ نديم عن موعد زفاف ليلي " 

تنهدت ثم ألقت برأسها إلى الخلف تكمل بذات النبرة 

" لم أرغب في حدوث ذلك.. أشعر أنني أنسانة سيء للغاية... تلك النظرة.. "

زنفرت بسأم و ضيق 

" ياألهي.. "

زمت ليلي شفتها بأس و إنتقلت في جلستها إلى جانبها تمسح على خطلاتها بلطف و حنان تلقي على مسامعها بعض الكلمات لتهوين عليها 

رمت إلينا رأسها على أكتاف جالِستها تشكوها عجزها و قلة حيلتها 

"ليت ذلك لم يحدث... ليتنا إستمرينا في كوننا مجرد أصدقاء. "

"إلينا لايمكن للإنسان التحكم في مشاعره كما أنه لا يمكن التحكم في الحب لا سلطة على قلب فيما يحب "

أصدرت إلينا صوت ساخر ما إن نطقت ليلي كلمة الحب تجاوزت ليلي سخريتها ثم تنحنحت بإرتباك لا تعلم كيفية التحدث في هذه الشأن لكن عليها تنبيها مجددا لعل هذه المرة تجدي نفعاّ

" إلينا ألا ترين أنكِ تتجعلين في الأمر؟. "

رفعت إلينا رأسها تنظر بإستغراب 

"إي أمر؟. "

"أمر الزواج" 

برقت عيني إلينا بقوة بنظرت خاطفة لحركت جسدها والأنفعالية 

أدركت ليلي ما ستقول لذالك رفعت يدها أمام وجهها تمنعها القول 

" إنتظري... دعني أنهي كلمي "

إستنشقت الهواء و زنفرت بهدوء ثم إعتدلت في جلستها 

"طارق رجل محب نبيل و صادق.. علاوة على ذالك يحبكِ و لا شك في ذالك.. لكن ألا ترين أن الأمر غير منصف من جانبه أن يكون حبه من طرف واحد" 

عبست ملامح إلينا تدريجياً و نطقت عيناها بنظرة نافرة لفكرة وجود الحب. 

أكملت ليلي قائلة

" إلينا الزواج يحدث بين شخصين يحملان نفس المشاعر... الزواج قائم على الحب ليس الصداقة "

ضرب ليلي يدها على أريكة بقوة ما أن طافت البرودة على ملامح إلينا تعلمها جيدا ستلقي جملتها و تهرب كالعادة 

"لا... ليس كذالك..يكفي أن تكون هناك ثقة و صدق بين زوجين..أنا أكتفي بهذا.. "

نهضت إلينا تتوجه إلى غرفتها و لكن قبل هذا أمسكت ليلي معصمها صارخة 

"لا... لا يكفي "

نطقت ليلي بغضب واضح. 

نفضت إلينا يدها بعنف و بقسوة تحدثت 

"يكفي أن لا يكون هناك خيانة و هذا كافي "

مسحت ليلي وجهها تحاول الهدوء مجددا و تمنح نفسها لحظة لتفكير بالكلمات المناسبة بينما أكملت إلينا بذات أسلوب 

"و هل شفع الحب لكِ ليلي. "

كان سؤالا قاسياً و قد أدركت ذلك ما أن فلت أخر حرف منه و إستقر الندم حيال ذلك. 

إلتمعت عيني ليلي برقاقة شفافة لامعة و بخفوت تحدثت 

" بلى... إن حب لا يشفع لأشخاص لا رحمة في قلوبهم. "

نهضت من على الاريكة تسير ببطئ إلى غرفتها بينما أغمضت إلينا عيناها بندم وقد فرت كل حروف الأبجدية دفعة واحدة من عقلها و لم تستطع سوى الأسراع و اللحاق بها ثم أمسكت بيدها تناظرها بأسف و ندم ربما تتفوه الأعين بما عجز اللسان. 

"دعيني أساعدكِ" 

ترجتها عيناها خفية بعدم رفض عرضها 

إبتسمت ليلي لها و أومأت إيجاباً لفت إلينا يدها حول خصر صديقتها تسندها و سارا ببطئ نحو غرفتها طلعتها إلينا بحزن

رغم تلك السنوات لم ينزلق من قلبها لم تنسى أبدا 

إنها ضحية أخرى 

ضحية للحب. 

أجلستها في سريرها و جلست بجانبها تمسح على خصالتها البنية 

" أنا أسفة ليلي... لم أقصد القول..أنا حقاً.. "

" لا بأس. " 

أجابت ليلي بهدوء ثم أضافت بنفس الهدوء المؤلم 

" بعض الأحيان علينا الضغط على جروحنا لربما لا نشعر بوخزة ألم حينها فقط نعلم أننا شفينا.. أو ربما"

 صمتت هنيهة و حولت عينيها نحو النافدة تنظر إلى المباني العالية

 و قالت بصوت ضعيف لولا هدوء لما سمعته 

" نشعر "

زاد أسى إلينا من نفسها ودت لو لكمت لسانها عدة مرات علها تكفر عن ذنبها إتجاه صديقتها ماكان عليها تذكيرها 

ما كان عليها فعل ذلك 

ربما الأرهاق الجسدي و النفسي جعل منها غير مدركة أي لغم للكلمات قد خطت 

فتحت فمها في محولة منها لتصحيح عن ما بدى لكن قطعتها ليلي قائلة 

" لم أنسى حتى أتذكر إلينا لا عليك.. دعينا لا نتحدث عن ذلك رجاء "

رجاءها كان مؤلم

مؤلماً جداً 

فلتت دمعت إلينا ثم مسحت بسرعة ما إن إلتفتت ليلي نحوها و بنبرة مازحة قالت إلينا

" أرى أنكِ أصبحتِ تعلمين ما أرغبه دون القول " 

إبتسمت ليلي لها بينما عينها أجابت 

أجل أنه العمق في العلاقات 

الصداقة علاقة فريدة و نادرة فقلة ما نجد صديق يدركك أكثر ما تدرك نفسك و يشعر بك دون قول 


حركت إلينا رأسها هنا و هناك ثم قالت بتسأل 

" إن المنزل هادئ على غير العادة... أين إيلا ؟.. "

" ذهبت إلى جامعة منذ مدة قصيرة "

حركت إلينا رأسها إيجاباً ثم نهضت تودع صديقتها متجه نحو غرفتها تصرف بعض الساعات النهار في النوم. 





••••••••



"أين أنت؟... منذ الصباح أتصل بك دون رد... لقد أصبحت الساعة الثانية عشر ليلا ً.. أين كنت كل هذا الوقت؟.." 

و ما أن رفع سليم رداً على الأتصال حتى إندفع صوت أيدا القلق يخترق طبلة أذنيه 

صمت برهة يكاد يقسم أن تلك ثواني التى صمت فيها أنها إستطاعت تأليف قصة كاملة و قد قاربت على الذهاب الى قسم الشرطة حتى تبلغ عن عملية خطف 

"سليم... ألو هل حدث شيء.. سليم.. "

لفضت أسمه بعصبية و قد نهضت من مقعدها إستعداد للخروج إلى الخارج 

بعدما عصف عقلها عدة أحداث و حوادث قد وقعت له. 

"هدءِ من روعك... لم يحدث شيء"

اوقفها صوته المنساب من سماعة الهاتف 

و من هدوء نبرته أيقنت أن حقاً لا مكره قد أصابه 

عادت إلى جلستها السابقة بختلاف شعورها بالراحة و بدا ذلك واضحاً

في جلستها المسترخية 

" إذا.. ما سبب كل هذا الإختفاء؟.. و أين كنتَ؟ "

إرتابت معالم وجهه و زاد عبوس حاجبيه ما إن تذكر مامر به قبل سويعات القليلة تردد صوته للحظة ثم تنحنح قائلا 

" بجانبكِ" 

تجنب الشط الأول من السؤال عن عمد محاولاً قدر الأمكان أن يتريث في ما أراد قوله و الأن و بعدما حدث لم يعد يهم السبب 

مايهم إن ينفذ ما إنتوء له 

إبتسمت عائدة بزهو ما إن خُيلا لها أنها بداية فقرة من الغزل المعتاد و بنبرة شقية تلف خصلتها حول إصبعها 

" و... كيف ذلك؟ "

سحب قدراً كافياً من الهواء و صاح في هدوء و إستعداد

"منذ الصباح الباكر و أنا أقف أمام منزلكِ " 

إعتدلت جالسة بسرعة و قد عالت الدهشة ملامحها حتى إصطبغت على بنبرتها العالية قليلاً 

" مــــاذا؟ "

أبعد سليم الهاتف عن إذنه بضعة سنتمترات ثم جعد وجهه بإنزعاج من ذلك الصوت العالي 

أعد وضعه مجددا ثم قال بسرعة دون لحظة تفكير واحدة 

" أيدا علينا الهروب "


O.B. 


             يتبع....  



ــــــــــــــــ


جميع الحقوق محفوظة © O. B يمنع النسخ أو إعادة النشر دون إذن..... 





الأربعاء، 17 سبتمبر 2025

أحبيني أنا و ليس قلبي (المقدمة 🪻)

 عالت أنفاسها المطربة تجرد سكون المكان من ذاته تمحو خطاها المبعثرة طريق الغاب المظلم أمامها، بات الأمل ينحصر داخل مضجعها أو أن الظالم دامس نهش كل ما يبقيها صامدة في ركضها المستمر... لا تعرف مما تلد بالفرار و ما شيئ الذي يلاحقها  لا تعلم سبب ركضها في هذا المكان الموحش كل ماحولها عبارة عن غابة مظلمة ذات اشجار طويلة تلقي بظلالها على المكان يتفرع منها اغصان يابسة ملتوية تعرقل سيرها.

ألتفت حولها تبصر كل شيء دون تركيز تبحث عن شيء هي تجهله..  أو ربما تبحث عن نفسها إنها يائسة...  ضائعة...  و مشتتة... ما بال تلك التهيأت تطاردها بضرواة حتى أنها لاتعلم كينونتها إطلاقا إلى أين تركض... و أين المفر.. ماذا تفعل... ماخطب تلك أضلال... تلاحقها بإصرار بائس يبعث لها بشرارة خوفاً تنهش كيانها و تتركها بعدها هشة خاوية يملأء الفراغ جوفها و ثقوب روحهة و قد غزها اليأس من النجاة. 

أطلقت صرخة مداوية متألمة  شقت هدوء الليل الساكن من حولها بعدما خانتها قدماها كما خانتها جميع مشاعرها 

هدوءها... صمودها... أمالها...  و هوت"هي" نحو تلك الحفرة العميقة تفترش الارض بجسدها الضئيل. 

إنتشر ألم في بدنها يعلن عن نفسه بقوة فتلك الأتربة قاسية كقسوة المكان على روحها. 

إستندت إلى تلك الكومة من تربة الندئة تعتصرها بكفها وقد شرعت دموع تشق طريها ببطئ و أبى صوتها الصدور فكلما حاولت الصراخ حتى تعثر في حنجرتها يأبى الأستمرار و الظهور و كأنه يخشى أفساد هدوء المكان. 

تنهدت بعمق و عينها تكتشف ما حولها فمازال شعور المطارد يسيطر على تفكيرها انعقد حاجباها تزامناً لرصدها تلك الكومة ترابية الواقعة فوقها تماماً شحب وجهها و إتسعت حدقيها خوفاً شوبه الصدمة المنحلة على ملامحها الشاحبة و يدها المرتعشة تدفع جسدها نحو الخلف بقوة تبتعد قدر الأمكان عن ذلك المكان الجالسة أمامه مباشرة.. 

ياألهي أنه قبر؟! 

أرتعدت أوصالها و صكت أسنانها إرتعاش و تجمد جسدها دفعت واحد من هول ماتبصره مقلتاها.  تقدمت بخطوات متذبذبة تحول أن تقرئ تلك اللفة الموضوعة بعناية في المقدمة رغم عتمة المكان إلا انها تحول إرضاء فضول ضئيل نمى داخلها من العدم. 

أخترق حواسها كما أخترق صميم فؤاها صوته الخشن العذب يحمل بين طياته نشيج ألم و عمق غريب شقت إبتسامة طفيفة على محياها لا تعلم لما؟  فكيف للمرء أن يحب و يخشى الشيء  ذاته؟  فمافما كانت تهرب منه بإستمات منه بات الأن مصدر أمل و أمان لها. 

فهي تجهل تماما الإجابة عن ذلك حقاً!  كما تجهل سبب ظهور تللك البسمة البلهاء مجهولة المصدر إنه نوعاً غريب من الأحساس ذلك الذي يطغى على الروح انه ذلك الصوت الذي تجهله كما تعلمه حق المعرفة. هي لم تستدر بعد و لم تشبع رغبتها الفضولية نحو هيئته الرجولية باحت وقد إستبد حظوره القوي على أي فضول قد داهمها فيما سبق و نست عما كانت ترغب في فعله نداها مجددا بصوت رخيم شجن يأسر في لحنه معاني الأمان. ودت لو جسده حقا و هي بين أحضانه تلك الرغبة الهوجاء في أن تكون هناك حيث منبعه الأصلي ترتوي منه بعد جرعت خوفا مبالغ فيها و كأنه بطلته البهية إنقشعت وحشة المكان حولها تبجيلاً له. 

سارت رعشة في بدنها و قد تقدم منها و أصبح خلفها تماماً يلفح بأنفاسه الساخنة بشرة عنقها العارية. 

كرار ندائه يلفظ أسمهابعذوبة حلوة تشع من صوته الذكوري الخشن " إلينا "... 

                                         O.B

  





الفصل 1الجزء الثاني " أحبيني أنا وليس قلبي "

 أتي الصباح اليوم الباكر  أشرقت به أشعة الشمس رغم كل شيء  أشرقت إشراقة محت كل بقايا ليلة باردة كئيبة مظلمة حيث إستقر عمق دمسها في قلوب مجهدة...